Almaisam
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Almaisam


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ )

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
somaiah
صاحبة الموقع
صاحبة الموقع
somaiah


الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ ) 356810
انثى
عدد الرسائل : 2605
تاريخ التسجيل : 01/02/2009

الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ ) Empty
مُساهمةموضوع: الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ )   الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ ) Icon_minitime1الجمعة مارس 26, 2010 3:46 am

أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ

قال الله عز وجل في سورة القمر :﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ *إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ * تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ﴾(القمر: 18- 20) . وقال سبحانه وتعالى في سورة الحاقة :﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾(الحاقة: 6- 7) ، فأتى بوصف ( أعجاز النخل ) في آية القمر مذكرًا هكذا :( منقعر ) ، وأتى به في آية الحاقة مؤنَّثًا هكذا :( خاوية ) .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : لماذا أتى هذا الوصف في آية القمر مذكَّرًا ، وأتى في آية الحاقة مؤنَّثًا ؟ وما سر البيان في ذلك ؟
أولاً- وقبل الإجابة عن ذلك أود أن أشير إلى أن الدكتور فاضل السامرائي قد سئل في برنامج ( لمسات بيانية ) السؤال الآتي :
( ما هي الآية التي استعصت عليك ، ووقفت عليها طويلاً ، لاستكشاف اللمسات البيانية فيها ؟ ) .
فأجاب بالآتي :
«أكثر من آية في الحقيقة .. آية ذكرتها استغرقت حوالي ستة أشهر ، وآية استغرقت أكثر من هذا بكثير . ذكرت مرة آية :( فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) استوقفتني أكثر من سنة . وآية أخرى استغرقت ستة أشهر :
( تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ) (20)( القمر ) .
و( كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ )(7)( الحاقة ) .
لماذا واحدة بالتذكير ، والثانية بالتأنيث ، مع أن كلاهما وصف للنخل ؟
( أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ) يصف النخل .
و( أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ) يصف النخل ،
فلماذا جاءت مرة بالتأنيث ، ومرة بالتذكير ؟ استغرقتني هذه ستة أشهر .
المفسرين حسب ما اطلعت عليه يقولون الآيات لأن الآية في سورة الحاقة ( تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ) ما قبلها وما بعدها هي هكذا . والثانية في سورة القمر ( قعر – منقعر ) تسير على الفاصلة القرآنية .
لكني لم أكن مقتنعًا بهذا التخريج ، فبدأت أفكر لماذا هذا الشيء ؟ لأني أعتقد أن خواتيم الآيات ليست فقط مناسبة لما قبلها وما بعدها . وإنما هنالك قطعاً علاقة بالمعنى . ثم ربنا سبحانه وتعالى بعد التأمل والتدبر . نحن لدينا قاعدة كنت غافلاً عنها :
( أنالتأنيث يفيد الكثرة ، والتذكير قد يفيد القلة ،والتأنيث قد يفيد المبالغة ).
ربنا قال :(وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ )(30)(يوسف) . قال قال ) . لكن قال :( قَالَتِ الْأَعْرَابُ ) لأن النسوة قليل ، والأعراب كثير ، هذا في القرآن كثير . فالتأنيث يفيد الكثرة .
المقدم : إذن ( أعجاز نخل خاوية ) : كثيرة ؟
د. فاضل : وفيها مبالغة أيضاً مثل ( علاَّم وعلاَّمة ) تفيد المبالغة . لو نقرأ الآيتين تتضح المسألة .
قال في القمر :(إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ) (19) ، ( تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ )(20) يوم نحس ، يوم واحد .
بينما في الحاقة قال :( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ) (6) . زاد العتو على الصرصر . هناك قال فقط :( رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ) . أما هنا قال :(بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ) . ثم قال :( سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا )(7) . أي : التدمير سيكون أكثر ؟
المقدم : في الحاقة :
د. فاضل : فقال :(كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ) . والخاوية أكثر من المنقعر ، باعتبار كل منقعر مخلوع ، خاوية أكثر من المنقعر .. هذا على وجه السرعة» .
ثانيًا-هذا ما ورد في اللمسة البيانية رقم (206 ) ، منقولاً بنصه دون تغيير عن الدكتور فاضل السامرائي في الإجابة عمَّا سئل ؛ وذلك بعد تفكير طويل استغرق منه حوالي ستة أشهر كما يقول فضيلته .. وليس غريبًا أن يصدر هذا القول أو مثله عن رجل عالم كالدكتور السامرائي ، فهو العالم اللغوي الأول الذي لا يشق له غبار في هذا العصر باعتراف كثير من قرائه ومستمعيه ، حتى أقسم بعضهم بالله على أنه حين يسمع السامرائي يحسبه من الراسخين في العلم .. ولم لا ، وجواب السامرائي هذا أقوى دليل على ذلك ، بغض النظر عن أسلوبه الذي صاغ به هذا الجواب .
أما ما ذكره عن المفسرين من أن التذكير والتأنيث في الآيتين يسير على الفاصلة القرآنية- كما قال- فهو جواب أكثرهم ، وهو اختيار أبي حيان في البحر المحيط ، فقد قال عند تفسير قوله تعالى :﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ﴾ ما نصُّه :«والنخل اسم جنس يذكَّر ويؤنَّث ؛ وإنما ذكِّر هنا لمناسبة الفواصل ، وأنِّث في قوله :﴿ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍفي الحاقة لمناسبة الفواصل أيضًا » .
وحكى الرازي من قبله هذا القول عن المفسرين ، وعقَّب عليه بقوله :« وهو جواب حسن ؛ فإن الكلام ، كما يزين بحسن المعنى ، يزين بحسن اللفظ » . ثم ذكر جوابًا آخر ، ذكره من قبله الطبري ، والقرطبي ، والزمخشري ، والشوكاني ، والبيضاوي ، والألوسي ، وغيرهم ، وهو :
(أن لفظ النخل اسم جنس يذكَّر ويؤنَّث ، فإذا وصف جاز في صفته التذكير حملاً على اللفظ ، والتأنيث حملاً على المعنى ) .
وحكى أكثر من واحد منهم عن أبي بكر ابن الأنباري أنه قال :« سئل المبرد بحضرة إسماعيل القاضي عن ألف مسألة من جملتها ، قيل له : ما الفرق بين قوله تعالى :﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً ﴾(الأنبياء: 81) ، وقوله :﴿جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ (يونس: 22) ، وقوله تعالى :﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ( الحاقة: 7 ) ، وقوله :﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (القمر: 19) ؟ فقال : كل ما ورد عليك من هذا الباب فإن شئت رددته إلى اللفظ تذكيرًا ، أو إلى المعنى تأنيثًا » .
والغريب أن الدكتور السامرائي قد غفل عن ذكر هذا الجواب مع شهرته ، واقتصر على ذكر الجواب الأول ، ثم قال معقِّبًا عليه :«لكني لم أكن مقتنعًا بهذا التخريج ، فبدأت أفكر لماذا هذا الشيء ؟ لأني أعتقد أن خواتيم الآيات ليست فقط مناسبة لما قبلها وما بعدها ؛ وإنما هنالك قطعًا علاقة بالمعنى » . ثم هداه تفكيره الذي استغرق ستة أشهر إلى ما ذكر من جواب بعد أن تذكر قاعدة لديه كان غافلاً عنها ، وهي :
( أنالتأنيث يفيد الكثرة ، والتذكير قد يفيد القلة ،والتأنيث قد يفيد المبالغة ) .
والسؤال الذي ينبغي أن يطرح على الدكتور السامرائي :
هل يجوز أن نقيس :( أعجاز نخل منقعر ) ، و( أعجاز نخل خاوية ) على : ( قال نسوة ) ، و( قالت الأعراب ) ؟
وإذا كان هذا القياس جائزًا ، فهل يدل التذكير في ( قال نسوة ) على القلة ، والتأنيث في ( قالت الأعراب ) على الكثرة والمبالغة ؟
وإن سلمنا جدلاً بأن التذكير في نحو قوله تعالى :﴿مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ(آل عمران: 105) يدل على قلة ( البينات ) ، وأن التأنيث في قوله تعالى :﴿مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ(البقرة: 213) يدل على كثرة ( البينات ) ، بناء على القاعدة التي ذكرها ، فماذا يقول فضيلته في قول الله تعالى :﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(ص: 73) ، وقوله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ(آل عمران: 42) ، حيث ذُكِّر فعل السجود مع الملائكة في آية ( ص ) وهم كثرة ، بدليل قوله تعالى :﴿ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ، وأُنِّثَ فعل القول معهم في آية ( آل عمران ) وهم قلَّة ، بدليل أن الملائكة كلهم لم يخاطبوا مريم . والمفسرون يقولون : المراد بالملائكة ههنا : جبريل وحده ؟
وماذا يقول فضيلته في تذكير الفعل مع ( الصيحة ) في قوله تعالى :﴿وَأَخَذَ الذين ظَلَمُواْ الصيحة(هود: 67) ، وتأنيثه معها في قوله تعالى :﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة(المؤمنون: 41) ، وهي مفردة في الآيتين ؟ وماذا يقول فضيلته أيضًا في تذكير الفعل مع ( موعظة ) في قوله تعالى :﴿ مَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ ﴾(البقرة: 275) ، وتأنيثه معها في قوله تعالى :﴿قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ(يونس: 57) ؟ هل يدل الأول على القلة ، والثاني على الكثرة ، و( موعظة ) مفردة مع الفعل في الآيتين ؟ وإن كان تذكير ( موعظة ) في آية البقرة يدل على القلَّة في قراءة الجمهور ، فكيف نوفق بينها ، وبين قراءة أبيًّ والحسن :﴿فَمَنْ جَاءتْهُ مَّوْعِظَةٌ(البقرة: 275) ؟
ولو كان التأنيث يدل على الكثرة ، كما يزعم السامرائي ، لدل عليها تأنيث الفعل ( جَاءتْ ) مع ( الرُّسُلِ ) في قول الله عز وجل :﴿ وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى(هود: 69) .قيل : الرسل هنا هم الملائكة ، روي عن ابن عباس أنهم كانوا اثني عشر ملكًا . وقال السدي : أحد عشر على صورة الغلمان في غاية الحسن والبهجة . وحكى صاحب الفينان أنهم عشرة منهم جبريل . وقال الضحاك : تسعة . وقال محمد بن كعب : ثمانية . وحكى الماوردي أنهم أربعة ، ولم يسمهم . وجاء في رواية عن عثمان بن محيصن أنهم : جبريل ، وإسرافيل ، وميكائيل ، ورفائيل عليهم السلام . وفي رواية عن ابن عباس ، وابن جبير : أنهم ثلاثة الأولون فقط . وقال مقاتل : جبرائيل ، وميكائيل ، وملك الموت عليهم السلام . واختار بعضهم الاقتصار على القول بأنهم ثلاثة ؛ لأن ذلك أقل ما يدل عليه الجمع .
وواضح من هذه الأقوال كلها أن ( الرُّسُلَ ) الذين جاؤوا إبراهيم- عليه وعليهم السلام- هم قلَّة ، خلافًا لما في قوله تعالى :﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ(يوسف: 110) ، حيث ذُكِّر الفعل مع ( الرُّسُلِ ) ، وهم كثرة .
والغريب أن الدكتور السامرائي حين سئل في إحدى لمساته البيانية عن سبب تذكير الفعل مرة وتأنيثه مرة ، مع لفظ ( الملائكة ) ، في نحو قوله تعالى :﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(ص: 73) ، وقوله تعالى :﴿فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ.. ﴾(آل عمران: 39)، لم ينس القاعدة التي كان قد نسيها ، حين كان يبحث عن سبب تذكير لفظ ( منقعر ) ، وتأنيث لفظ ( خاوية ) مع ( أعجاز النخل ) ، فقال :« الحكم النحوي : يمكن أن يؤنّث الفعل أو يُذكّر ، إذا كان الجمع جمع تكسير ؛ كما في قوله تعالى :﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ﴾ ، و﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ ﴾ ، فيجوز التذكيروالتأنيث من حيث الحكم النحوي » .
هذه القاعدة التي يردد ذكرها كثيرًا ، لم يطبقها على تذكير الفعل وتأنيثه مع ( الملائكة ) ؛ لأنه يعلم أنه لا يمكن تطبيقها ، وقد هداه تفكيره إلى قواعد أخرى أعجب بكثير من القاعدة الأولى ، وقد سمّاها خطوطًا تعبيرية هي التي تحددتأنيث ، وتذكير الفعل مع ( الملائكة ) ، وهذه الخطوط التعبيرية تجدها مع الرد عليها في مقال ( تذكير لفظ الفعل وتأنيثه مع لفظ الملائكة ) .
أما لفظ ( نِسْوَة ) في قوله تعالى :﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ (يوسف: 30) ، ولفظ ( أَعْرَاب ) في قوله تعالى :﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ﴾(الحجرات: 14) فتجد الرد عليهما في مقال ( وقال نسوة في المدينة ) .
وأما ( أعجاز ) فهو من جموع القلة ، مفرده : عجز ، ومثله : عنق وأعناق ، وضلع وأضلاع ، وكبد وأكباد ، وقفل وأقفال ، وحمل وأحمال . وأما لفظ ( نخل ) فهو اسم جمع يدل على القلة أيضًا بخلاف ( نخيل ) ، ومفرده : نخلة ، يذكَّر ويؤَّنث ، وقد اجتمع اللفظان معًا في هاتين الآيتين ، فجاز في وصفهما التذكير نظرًا للفظ ، والتأنيث نظرًا للمعنى . وهذا ما غاب عن علم الدكتور السامرائي ، رغم كونه دكتورًا في النحو ، وله فيه المؤلفات العظام .
ثالثًا- إذا كان السامرائي قد صحا من غفوته بعد ستة أشهر ، وتذكر قاعدته المزعومة ، فقد غفل دون أن يصحو عن أن الآيات في سورة القمر ، وسورة الحاقة تتحدث عن إهلاك قوم عاد . وقوم عاد هم همُ من حيث العدد ، سواء كانوا كثرة ، أم قلة . ولم يلحظ الفرق بين تشبيههم بأعجاز النخل المنقعر تارة ، وتشبيههم بأعجاز النخل الخاوية تارة أخرى ، وظن أنه لا فرق بين التشبيهين إلا من حيث أن الوصف في الأول مذكر يدل على القلة ، وأن الوصف في الثاني مؤنث يدل على الكثرة والمبالغة .
وليس الأمر كما ظن وتوهم ، وأوهم مستمعيه وسائليه . والفرق بين التشبيهين أوضح وأيسر بكثير من أن يُتكلَّف في الجواب عنه ذلك التكلف ، وتُنسَجَ حوله تلك الأسطورة . ولو أنه فكر فعلاً وأحسن التدبُّر ساعة من الزمن لا ستة أشهر ، لأدرك أن الغرض من التشبيه في الآيتين ليس هو الإخبار عن كثرة أعجاز النخل ، أو قلتها ؛ وإنما الغرض منهما هو الإخبار عن الكيفية التي تم فيها إهلاك قوم عاد .. وأن إهلاكهم تم على مرحلتين : تحدثت آيات القمر عن المرحلة الأولى منهما ، وتحدثت آيات الحاقة عن المرحلة الثانية التي تلت المرحلة الأولى .. ولبيان ذلك نقول :
1- ذكر الله تعالى ( أعجاز النخل ) في القرآن في هذين الموضعين ، واختار لكل موضع من الوصف ما يناسب اللفظ والمعنى معًا ، مع مراعاة الفاصلة القرآنية السابقة له واللاحقة ، فقال سبحانه :﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ، فأتى بلفظ ( منقعر ) مذكَّرًا نظرًا لتذكير لفظ ( أعجاز نخل ) ؛ لأن أعجاز جمع تكسير لمذكر ، مفرده ( عجز ) ، وقال مرة أخرى :﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ، فأتى بلفظ ( خاوية ) مؤنَّثًا نظرًا لتأنيث لفظ ( أعجاز نخل ) ؛ لأن جمع التكسير مؤنث في المعنى وتأنيثه غير حقيقي . ولو جاء النظم معكوسًا هكذا :( أعجاز نخل منقعرة ) ، و( أعجاز نخل خاوٍ ) ، لكان ذلك فصيحًا ؛ ولكن لغة القرآن أفصح ، لما فيها من ملائمة اللفظ للمعنى ، مع مراعاة الفاصلة القرآنية ، وهذا هو قمة الإعجاز .
2- ( النزع ) في اللغة هو القلع . ومعنى قوله تعالى :﴿ تَنْزِعُ النَّاسَ ﴾ . أي : تقلعهم من جذورهم . روي أنهم دخلوا الشعاب والحفر ، وتمسك بعضهم ببعض ، فقلعتهم الريح ، فأصبحوا بعد القلع ( النزع )﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ. و( الأعجاز ) هي الأصول بلا فروع ، قد انقلعت من مغارسها . و( المنقعر ) هو المنقلع عن مغارسه ، المنقطع من أصله ، الساقط على الأرض . قال الراغب الأصفهاني : وقعر الشيء : نهاية أسفله ، وقوله :﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ . أي : ذاهب في قعر الأرض . وقال بعضهم : انقعرت الشجرة : انقلعت من قعرها . وقيل : معنى انقعرت : ذهبت في قعر الأرض . وإنما أراد تعالى : أن هؤلاء اجتثوا من جذورهم ؛ كما اجتث النخل الذاهب في قعر الأرض من جذوره ، فلم يبق لهم رسم ، ولا أثر . وقيل : شبههم في طول قاماتهم حين نزعتهم الريح ، وطرحتهم على وجوههم بالنخل الساقط على الأرض التي ليس لها رؤوس ؛ وذلك أن الرّيح قلعت رؤوسهم أولاً ، ثم كتّبتهم على وجوههم . ويزيد هذا التشبيه حسنًا أنهم كانوا ذوي جثث عظام طوال .
3- أما ( الخاوية ) فهي الخالية بعد اقتلاعها وسقوطها على الأرض ، وهي من الخواء . وأصل الخواء : الخلاء . والفرق بينهما : أن ( الخواء ) يكون عن كارثة بخلاف ( الخلاء ) . فإذا رحل القوم عن ديارهم لأمر مَّا فهي خلاء ، وإذا رحلوا عنها لمصيبة ألمت بهم فهي خواء . قال تعالى :﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا(النمل: 52) . والتخوية : ترك ما بين الشيئين خاليًا . وقوله تعالى في وصف القرية :﴿ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا(البقرة: 259) . أي : ساقطة على عروشها بعد خواء أهلها منها . قيل : هذه الصفة في خراب المنازل من أحسن ما يوصف به ، وهي مرحلة تأتي بعد الانقعار المتسبب عن النزع ؛ فكأن الريح تنزع الواحد منهم ، وتقعره ، فينقعر ، فيقع ، فيكون صريعًا ، فيخلو الموضع عنه ، فيخوى . فالخواء لا يكون إلا بعد النزع والقعر ، وهو أقوى وأشد ؛ كما يفيده الفعل ( ينزع ) الذي يدل على استمرار النزع ، والوصف ( منقعر ) الذي يدل على قلع الشيء من جذوره .
4- وهكذا نرى أن قوله تعالى :﴿فََتََرََى الْقَوْمَ فِِيهََا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ إشارة إلى حالة تلي حالة الانقعار الشديد المتسبب عن النزع بقوة . وهذا- كما قال الرازي- يفيد أن حكاية إهلاك قوم عاد في آية القمر :﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ مختصرة ، حيث لم يشر إلى صرعهم وخواء منازلهم عنهم بالكلية ؛ فإن حال الانقعار لا يحصل عنه الخواء التام ؛ إذ هو مثل الشروع في الخروج والأخذ فيه .
ومن ثمَّ يتبيَّن لنا أن الغرض من تشبيههم بأعجاز النخل المنقعر هو الإخبار عن اقتلاعهم من جذورهم الضاربة في الأرض بقوة وطرحهم على الأرض أمواتًا ، إذ كانوا قومًا جبارين ، ذوي جثث عظام طوال . وأن الغرض من تشبيههم بأعجاز النخل الخاوية هو الإخبار عن إهلاكهم بالكلية وخواء منازلهم منهم ، وهذه مرحلة لا تتم إلا بعد التمهيد لها بما حدث في المرحلة الأولى ؛ إذ كيف يتم إهلاك قوم جذورهم ضاربة في الأرض كقوم عاد دون اقتلاع تلك الجذور الذاهبة في قعر الأرض ؛ كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله :﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ﴾(الفجر: 6- 8) ، وقوله تعالى : ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ(فصلت : 16) .
ومن هنا كان وصف ( أعجاز النخل ) التي شبهوا بها في آية القمر بـ( منقعر ) حملاً على لفظ ( أعجاز نخل ) أدلَّ على المعنى المراد من ( منقعرة ) بالتأنيث ، وكان وصفها في آية الحاقة بـ( خاوية ) حملاً على معنى ( أعجاز نخل ) أدلَّ على المعنى المراد من ( خاوٍ ) بالتذكير . وأما القول بأن تذكير ( منقعر ) يدل على القلة ، وأن تأنيث ( خاوية ) يدل على الكثرة ، وبالتالي فإن ( أعجاز النخل الخاوية ) أكثر من ( أعجاز النخل المنقعر ) ، فهو قول من لا يعرف جوهر الكلام ، ولا يدرك أسرار البيان ؛ لأن ( أعجاز النخل ) في الموضعين هي هيَ من حيث العدد ، وليست العبرة في الكم ، وإنما العبرة قي الكيف !
رابعًا- بقي أن نذكر أن المقارنة التي أجراها السامرائي بين آيات القمر ، وآيات فصلت ، وهي قوله :
« لو نقرأ الآيتين تتضح المسألة . قال في القمر :(إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ) (19) ، ( تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ )(20) يوم نحس ، يوم واحد . بينما في الحاقة قال :
( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ) (6) ، زاد العتو على الصرصر . هناك قال فقط :
( رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ) . أما هنا قال :
(بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ) . ثم قال :( سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا )(7) . أي : التدمير سيكون أكثر ؟ » .
أقول : هذه المقارنة بين الآيات تدل على قصور في الفهم ، وجهل بقصة قوم عاد التي فصل الله عز وجل القول فيها في سورة فصلت .. لقد ذكر السامرائي أن الريح في آية الحاقة وصفت بالصرصر والعتو (بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ) ، ونسي فضيلته أن هذه الريح في آية القمر وصفت بالصرصر ، وأنها في يوم نحس مستمر ( رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ) ، وهو يوم شؤم عليهم ، مستمرٌّ ، ينزع الناس ، نساء ورجالاً ، كبارًا وصغارًا ، لم يغادر منهم أحدًا حتى أهلكهم جميعًا .
ثم زعم فضيلته أن التدمير في آية الحاقة كان أكثر ؛ لأنه فهم أن المراد من يوم النحس المستمر هو يوم واحد من أيام الأسبوع . والصواب أن المراد بهذا اليوم مطلق الزمان ؛ كما نصَّ على ذلك غير واحد من المفسرين . ويدل على ذلك قوله تعالى في فصلت :﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ(فصلت: 16) ،وقوله سبحانه في الحاقة :﴿ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ لَيَالٍ وثمانية أَيَّامٍ حُسُوماً (الحاقة: 7) . ومن قال منهم : أن المراد به يوم الأربعاء فيحمل على معنى أن ابتداء إرسال الريح التي أهلكوا بها كان في هذا اليوم ، لا أنه يوم واحد ، فلا ينافي ما جاء في فصلت والحاقة . ولو كان يومًا واحدًا ، لتناقضت الآيات مع بعضها ، ولما كان في وصفه بأنه ( مستمرٌّ ) أية فائدة ؛ لأن اليوم الواحد لم يستمر ؛ وكأنه قيل : في زمن نحس مستمر . قال قتادة :« استمر بهم حتى بلغهم جهنم » .. فكيف يقال بعد هذا : التدمير في آية الحاقة أكثر .. فتأمل ، وتدبر ! نسأله سبحانه أن يجعلنا من الذين يحسنون التأمل والتدبر ، وأن يرزقنا الفهم لكلامه ، له الحمد ، وله الفضل والمنة !
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaisam.yoo7.com
المؤيد بنصر الله
المشرف العـــام
المشرف العـــام
المؤيد بنصر الله


الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ ) Images10
الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ ) 11961_10
ذكر
عدد الرسائل : 1217
تاريخ التسجيل : 22/03/2009

الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ )   الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ ) Icon_minitime1الجمعة مارس 26, 2010 7:33 pm

جزاكي المولى كل الخير
وجعل ماتقومين به من جهد في موازين أعمالك

تقبلي مروري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ياسمين الشام
المشرفة العامة
المشرفة العامة
ياسمين الشام


انثى
عدد الرسائل : 355
العمر : 47
العمل/الترفيه : معلمة رياضيات
تاريخ التسجيل : 18/01/2010

الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ )   الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ ) Icon_minitime1الخميس أبريل 01, 2010 11:21 am

مشكورة أختي جزاك الله خيرا
ووفقك الي مايحب ويرضي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاعجاز البياني للقران(أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ - خَاوِيَةٍ )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاستماع للقران الكريم واتقان اللغة الانجليزية في نفس الوقت
» الاعجاز العلمي في ذكر شجرة الزيتون في القران
» الاعجاز في خلق البعوضه .......!!!!!!!!!!!!
» الاعجاز النبوي في النوم...
» الاعجاز العلمي في الحبه السودا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Almaisam :: ~*¤ô§ô¤*~القسم الإسلامي~*¤ô§ô¤*~ :: الميسم للإعجاز العلمي في القرآن الكريم-
انتقل الى: